كتب / ممدوح حافظ محروس
قال عبد الكريم عيسى الجعفرى تابع : أدب ملازمة الذكر وهو من آداب المريد مع الله تعالى
يقول صاحب الفضيلة سيدى الشيخ عبد الغنى صالح الجعفرى رضى الله عنهما :
وإذا نظرنا إلى ديوان الجعفرى رضى الله عنه فإننا نجد قصائد الذكر تمثل الجانب الأكبر منه ، فهى قصائد نظمها الشيخ ليذكر الله تعالى بها فى الحضرات وفى سائر الأوقات ، وفيها يتحدث -رضى الله عنه- عن فوائد الذكر فيقول :
ولا تنس ذكر الله تلقاه حاضراً * تُساق إلى الرضوان سوقاً ميسرا
وتحيا سعيداً ما حييت بذكره * فمن نسى الأذكار يوماً تحيرا
فسبح وهلل واحمد الله دائماً * تر الخير منساقاً إليك ومحضر
ومن ذكر الرحمن يزداد صفوه * يعيش سعيداً لا يكون مغيرا
فما الصفو والعرفان إلا لذاكر * رأى الذكر حلواً والزمان معطرا
والله سبحانه وتعالى يحب من عباده الذاكرين (فاذكرونى أذكركم) ، (أنا مع عبدى إذا هو ذكرنى وتحركت بى شفتاه) .
تلذذ بذكر الله فى السر والجهر * لتحيا سعيداً فى الحياة وفى القبر
ولا تشتغل بالغير فالغير فتنة * وكل سيفنى واللقاء لدى الحشر
……. إلى آخر القصيدة ……
فأهل الذكر هم الهائمون فى حب الله تعالى ، الذاكرون له فى ليلهم ويومهم ، وفى يقظتهم ونومهم ، وهؤلاء المنعمون بذكر الله تتزاحم الأنوار حولهم ، ولا يشقى بهم جليسهم ، فمن حولهم تتنزل الرحمات ، وفى مجلسهم تقبل الدعوات ، وفى مجلس الذكر يحلو للذاكرين الرتع فى روضات الجنات ، وهذه المعانى وردت فى آيات القرآن البينات المعجزات ، وأيدتها أحاديث المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- سيد السادات ، قال تعالى : (والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما) ، وقال -صلى الله عليه وسلم- : (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا) قال الحاضرون : وما رياض الجنة ؟ فقال لهم : -صلى الله عليه وسلم- : (حلق الذكر) . وقد نظر الإمام الجعفرى -رضى الله عنه- إلى معنى الآية والحديث فى فضل مجالس الذكر وعبر عنها فى أبيات محكمة النسج ، قوية الصياغة ، جزلة الألفاظ ، عذبة المنهل ، فقال وهو يصف مجالس الذكر ، ويبين منزلة الذاكرين فيها عند الله وأحوالهم :
يا من يريد شفاء القلب من علل * إذكر ففى الذكر منجاة من الزلل
ومجلس الذكر فيه الخير أجمعه * الله فيه مع الأملاك والرسل
الرتع فيه كذا الجنات مغدقة * والوجد أبكى رجالاً فيه بالمقل
الله يذكرهم بين الملائك فى * أعلى السماوات ذكراً خالى المثل
